الرد على المشككين بالإعجاز العلمي: ملف شامل
| محاولات تتكرر ولكن كل مرة بثوب جديد، جميعها تهدف للتشكيك بهذا الدين الحنيف، فكيف علمنا القرآن الرد على مثل هذه المحاولات ونحن نعيش عصر العلم.... |
الإعجاز العلمي حقيقة أم وهم؟
إن الذين ينتقدون الإعجاز العلمي لديهم مشكلة في فهم هذا العلم، ويمكن تصنيف العلماء الذين يرفضون فكرة الإعجاز العلمي إلى صنفين:
1- علماء مسلمون يقتصر اختصاصهم على علوم الشريعة، ولذلك هم لم يتعمقوا في الحقائق العلمية وليس لديهم قدرة على فهم الكثير من حقائق الإعجاز العلمي فهماً علمياً، ولذلك يجدون الطريق الأسهل في عدم قبولهم لهذه الحقائق.
2- علماء تخصصوا في العلوم الكونية أو الطبية أو غيرها من العلوم التجريبية، وهؤلاء لديهم مشكلة أيضاً وهي أنهم لا يستطيعون أن يدركوا أبعاد النص القرآني، ويعتبرون أن القرآن ليس كتاب علوم بل هو وحي إلهي ودستور سماوي ويحوي إشارات علمية فقط.
لو كان الإعجاز العلمي هو تحميل للنصوص القرآنية غير ما تحتمله من التفاسير، إذن يمكننا أن نحمل أي نص من النصوص البشرية أيضاً غير ما يحتمل من المعاني!
ولكن هل يوجد كتاب واحد في العالم يمكن أن نفسره ونفهمه مهما تطورت العلوم ومهما تغيرت الأفهام والعقول؟ لو جئنا بكتاب لأرسطو مثلاً وهو من أعظم علماء عصره ومهما حاولنا أن نفهم ما فيه على ضوء العلم المعاصر فلن نتمكن من ذلك، لأن هذا الكتاب ممزوج بخرافات وأساطير عصره.
يقول أرسطو في كتبه "إن الأرض ثابتة لا تتحرك"، والسؤال: مهما حاولنا فلن نتمكن من تأويل هذا النص حيث ثبت يقيناً أن كل شيء في الكون يتحرك بحركة محددة ومنظمة.
ولو جئنا إلى القرآن فلن نجد ولا آية واحدة تتحدث عن أي شيء ثابت في الكون، بل نجد آية تقول: (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) [يس: 40]. وهذه حقيقة كونية سبق القرآن إلى ذكرها تتوافق وتتطابق مئة بالمئة مع المكتشفات الحديثة.
هنالك ادعاء يتبناه بعض العلماء وهو أن الحقيقة العلمية تتغير مع تطور العلم، بينما القرآن يمثل حقيقة ثابتة لا تتبدل، فكيف نفسر الثابت بالمتغير؟ وماذا يحدث لو فسرنا الآية وفق معلومات عصرنا ثم تغيرت هذه المعلومات بعد سنوات، ألا نكون قد أوقعنا أنفسنا في خطأ جسيم؟
وسؤالي: لماذا طلب منا القرآن أن نتدبر القرآن؟ ولماذا يتحدث القرآن في أكثر من ألف آية عن حقائق علمية وكونية؟ ألا يعني التدبر أن نستنبط دلالات جديدة لهذه الآيات؟ وإذا كان التدبر يقتصر على ما فهمه الصحابة والتابعون إذن أين عجائب القرآن التي لا تنقضي والتي حدثنا عنها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؟
وإذا صدرت بعض المبالغات من أناس بحثوا في الإعجاز العلمي وأخطأوا، فهل يعني ذلك أن الإعجاز العلمي غير صحيح؟
لقد جلستُ ذات مرة أمام شاشة التلفزيون وقد بدأ أحد العلماء الكبار ينتقد الإعجاز العددي لما يقرب من الساعة، وتابعت أقواله بلهفة بالغة عسى أن أستفيد شيئاً مما قاله، ولكنه لم يقدم أي شيء سوى رفضه لفكرة لم يفهمها أصلاً!!
يقول هذا العالم إن الإعجاز العددي غير صحيح، ويستشهد بالأخطاء التي قدمها رشاد خليفة في بحثه "عليها تسعة عشر"، ثم يقول: لو كان هذا العلم نافعاً لانتفع به رشاد خليفة! ويتابع قوله: إنه لا فائدة من دراسة ما يسمى بالإعجاز العددي، بل إنه يذهب إلى أبعد من ذلك فيقول: إن الإعجاز العددي يبعد المؤمن عن كتاب الله وفهم معانيه، والأعجب من ذلك يحرّم قراءة كتب الإعجاز العددي!!
ونحن ليس لدينا مشكلة مع من ينتقد هذا العلم، ولكن بشرط أن يقدم البرهان العلمي على ذلك، فالله تعالى يقول: (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [البقرة: 111]. وللأسف لم يقدم هذا العالم أي برهان أو حجة سوى الأخطاء التي قرأها في بعض كتب الإعجاز العددي.
ونحن نقر بأن هنالك الكثير من الأخطاء التي ارتكبها بعض الباحثين في علم الإعجاز العددي، ولكن هل نجعل من هذه الأخطاء حجة على القرآن ونقول إنه لا يحوي معجزة رقمية تخاطب علماء عصرنا هذا، عصر التكنولوجيا الرقمية؟
القرآن ومعجزاته وأسراره بريئون من أخطائنا، فإذا جاء ألف باحث وقدموا أبحاثاً خاطئة في الإعجاز اللغوي للقرآن، فهل يعني ذلك أن الإعجاز اللغوي غير صحيح أو غير موجود؟ ولا زلت أكرر السؤال الذي لم أجد أي إجابة عنه حتى الآن: ما هو المانع أن يحوي القرآن معجزة رقمية مذهلة تكون برهاناً مادياً ملموساً على إعجازه في عصرنا هذا؟؟
إذن لماذا يرفض بعض علمائنا فكرة الإعجاز العددي أساساً، أليس الأفضل أن يشجعوا أهل الاختصاص الموثوقين في دينهم وأمانتهم على البحث عن المعجزة العددية الصحيحة؟ أليس من الواجب علينا عندما نرى الأخطاء الكثيرة في بعض أبحاث الإعجاز العددي أن نسارع إلى البحث عن الإعجاز العددي الصحيح، بدلاً من أن نرفض الفكرة برمتها؟
وسؤالي الآن: هل يمكن لإنسان لم يقرأ شيئاً عن الأدب أن يصبح ناقداً أدبياً؟ فكيف يأتي من لم يبحر في علوم الرياضيات ولم يجلس ليلة واحدة في تأمل التناسقات الرقمية الغزيرة التي يزخر بها كتاب الله تعالى، كيف يمكن له أن يقول إن القرآن غير معجز من الناحية الرقمية؟
وهل أحاط هذا العالم بكل معجزات القرآن حتى يقرر أنه لا يحوي معجزة عددية؟ هل أطلعه الله على كل علوم كتابه حتى يجزم بأن القرآن لا يحتاج لمعجزة رقمية تثبت أنه كتاب الله؟
يعتقد بعض العلماء أن على المسلمين الاهتمام بقضايا عصرهم وأن يتقدموا في المجال العلمي بدلاً من أن يجلسوا وينتظروا الغرب حتى يكتشف الحقائق، ثم يقولون إن القرآن قد تحدث عنها قبل أربعة عشر قرناً.
وعندما أتأمل هذا الاعتقاد أتساءل: ما هو الضرر من دراسة معجزات القرآن، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم يقول عن القرآن: (ولا تنقضي عجائبه)؟ لقد كان المسلمون الأوائل لديهم قضايا ومشاكل كثيرة، ولكن ذلك لم يمنعهم من دراسة إعجاز القرآن وعلومه، بل كان ذلك سبباً في هذا التراث الكبير من الكتب والمؤلفات.
وأخيراً فإنني أوجه نداءً لعلمائنا الأجلاء أن يشجعوا الناس على تأمل معجزات القرآن العلمية والعددية لنخرج بجيل يبني إيمانه على أساس علمي وهذا الجيل سيكون هو الأمل لهذه الأمة، لأن الغرب قد تفوّق علينا بشكل كبير في المجال التكنولوجي والعلمي، ونحن إذا سرنا على خطاهم سنظل متخلفين عنهم بمئات السنين، لذلك الأفضل أن نستخرج عجائب القرآن بأنفسنا ونخرج ما فيه من حقائق علمية يمكننا أن نسبق بها الغرب، وهذا ليس خيالاً علمياً ولكنها حقيقة ينبغي علينا أن ندركها.
فالقرآن يحوي أسرار الكون وفيه أسرار الأرض والبحار والجبال والنبات وفيه أسرار الشفاء، ولكن الأمر يحتاج فقط لمن يجلس مع هذا الكتاب العظيم وينفق وقته وحياته في تدبر وتأمل واستخراج هذه العجائب وتطبيقها عملياً.
نسأل الله تعالى أن نكون من الذين قال فيهم: (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ * فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ) [آل عمران: 191-195].
أساليب المشككين في نقد الإعجاز العلمي
إنه عصر التكنولوجيا الرقمية، عصر المعلومات وعصر الإلحاد! وكما أن الله تعالى يسَّر في هذا العصر تلاوة القرآن وحفظه والاستماع إليه والاطلاع على علومه وتفاسيره بشكل لم يسبق له مثيلاً من قبل، ظهر بالمقابل أناس ليس لديهم أي عمل سوى انتقاد هذا القرآن والاستهزاء بنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم وتوافرت لهم الوسائل ذاتها لنرى سيلاً من هذه الانتقادات.
ولكن الذي يطمئن قلوبنا كمؤمنين أن الله تعالى حدثنا مسبقاً عن مثل هذه الظاهرة، وأكد لنا أن هذه المحاولات لن تحصد إلا الفشل، وأن نور الإسلام سيبقى مضيئاً إلى يوم القيامة، وأن محبة هذا النبي صلى الله عليه وسلم ستزداد في قلوب المؤمنين، يقول تعالى في سورة التوبة: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [التوبة: 32-33].
ولكي لا نظن بأن الغلبة ستكون لغير المؤمنين فقد أكد الله هذه الحقيقة في سورة الصف، يقول تعالى: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [الصف: 8-9].
ومن رحمة الله تعالى بنا أنه سخر هؤلاء المشككين لخدمة كتابه! وقد يعجب أحدكم من هذا الكلام، إذ كيف يمكن لملحد أو مشكك أن يخدم القرآن وهو لا يشعر؟ وأقول: إن بداية توجهي لهذا العلم (قبل عشرين عاماً) أي علم الإعجاز في القرآن والسنة كان سببها أحد الملحدين، فقد كانت تمتد الحوارات بيننا طويلاً، وكنتُ أجده أضعف ما يكون أمام المعجزات! وهذا ما دفعني للاهتمام بهذا العلم، وقد منَّ الله عليَّ بكشف عدد من معجزات كتابه، أسأل الله أن يجعل فيها العلم النافع للمؤمنين والهداية للمشككين.
ولكن الذي حدث أن عصر الإنترنت وفر وسائل لم تكن متوافرة من قبل، فخُصصت مواقع كاملة للهجوم على نبي الإسلام ولانتقاد معجزات القرآن، ولعل أخطرها المقالات التي تتناول الإعجاز العلمي، لما فيها من وهم قد ينطلي على بعض المؤمنين من ذوي الإيمان الضعيف. ولكن الله موجود وهو يتولى أمرهم، يقول تعالى: (وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) [الأنفال: 7-8].
وقد حدث بالفعل أننا نجد بعض المسلمين ممن لم يأخذوا الإسلام عن قناعة، ولم يبنوا إيمانهم على أساس علمي متين، فسرعان ما تهدم هذا البناء الهش وانقلبوا من الإيمان إلى الكفر والإلحاد، نسأل الله السلامة. وهؤلاء قد يكونون أخطر على الدين من غيرهم، وسوف نرى جزءاً من أساليبهم في نقد الإعجاز العلمي في القرآن والسنة.
ولكن قبل ذلك ماذا أخبر القرآن عن أمثال هؤلاء، انظروا كيف يخبرنا الله تعالى عن حقيقة تكبر هؤلاء: (إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [غافر: 56]. لماذا أمرنا الله بالاستعاذة من الشيطان، لأن هؤلاء الملحدين والمشككين يتحدثون بلسان الشياطين فقد اتخذوهم أولياء من دون الله، ولذلك يجب أن نستعيذ بالله من شرهم.
إن هؤلاء المشككين لم يتركوا شيئاً في كتاب الله ولا في سنة رسوله إلا وانتقدوه، وهم يراوغون ويكذبون ويلفقون التهم والأباطيل، بل يلجأوا أحياناً إلى سرد نظريات علمية خاطئة، وكل عالم لا يتفق معهم يسمونه دجالاً، وكل حقيقة لا تعجبهم ينكرونها على الفور، وبالتالي ليس لديهم أي عمل سوى الانتقاد بهدف التشكيك وليس بهدف الوصول إلى الحقيقة.
ينتقدون الحقيقة العلمية أولاً
أبحاث الإعجاز العلمي قائمة على ثلاثة عناصر، أولاً: الآية القرآنية، ثانياً: الحقيقة العلمية، ثالثاً: الربط بينهما لإظهار أنه لا تناقض بين العلم والقرآن. ولذلك فإن المشكك يسلك طرقاً متنوعة لنقد هذه العناصر الثلاثة، فهو في البداية يحاول التشكيك في الحقيقة العلمية، فيقول إنكم أيها المسلمون تعتمدون على نظريات وحقائق لم يثبتها العلم، أو أن هذه الحقائق غير موجودة أصلاً، ولذلك نريد منكم المرجع العلمي الموثق.
طبعاً لا يوجد بحث علمي لا يقوم على مراجع، إذ أن مصادر المعلومات لدينا لا بد أن تكون من مراجع علمية موثقة، وعلى الرغم من ذلك نأتيهم بالمراجع المطلوبة، فيقولون إن هذا العالم صاحب النظرية غير معروف نريد أصله وفصله! فنأتيهم بالمعلومات المطلوبة، وعندما لا يجدون مهرباً من الاعتراف بالحقيقة العلمية ينتقلون للأسلوب الآخر.
ثم ينتقدون تفسير الآية
بعد أن تفشل محاولتهم الأولى ينتقدون التفسير العلمي للآية وبما أن الآية القرآنية ثابتة وحقيقة مطلقة أمامهم فلا يستطيعوا انتقادها أو التشكيك بها، فيلجأون إلى انتقاد فهمنا للآية ويقولون إنكم تحملون الآية غير ما تحتمله من المعاني، لأن المفسر فلان يقول في تفسيره للآية كذا وكذا بخلاف ما تقولون، إنكم تخرجون عن إطار الفهم البسيط للآية والذي فهمه علماؤكم السابقون!
ونقول لهم هذه حجة واهية، لأننا لو أردنا أن نقتصر على فهم العلماء الأقدمين إذاً ما حاجتنا للإعجاز العلمي أصلاً؟ فنوضح لهم أن فهمنا صحيح، وطبعاً هذا التوضيح يأخذ وقتاً وجهداً، وانظروا كيف يستنفذ المشكك وقت المسلم وجهده وهذا هدفه ليبعده عن كتاب ربه! وقد وصف الله لنا مسبقاً حالة هؤلاء المجادلين بغير علم: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) [الأنعام: 25-26].
لذلك ينبغي علينا أن نجادلهم بالتي هي أحسن ولا نخوض في أحاديث قد تقودنا لرؤية هؤلاء الناس يستهزئون بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا نفعل شيئاً: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) [النساء: 140]. يتضح لنا من خلال هذه الآية أن الأسلوب الأمثل للمؤمن هو الابتعاد عن أمثال هؤلاء، لأن الذي يسب النبي ويشتم المؤمنين ويتهم رسول الله بالكذب ويستهزئ بالقرآن وينكر وجود الله، فهذا لا يمكن أن يهديه الله لسبب بسيط وهو أنه يحارب الله في الأرض.
وكل هدفه هو تضييع وقت المسلمين والتأثير عليهم وتشكيكهم بدينهم، والإسلام يقدس الوقت فوقت المؤمن له قيمة كبيرة. وأذكر أن أحد المشككين وبعد نقاش طويل وحوار امتد لأشهر وبعد أن يئس من حواري، قال لي: أرى بأن نشاطك الدعوي لم يتأثر على الرغم من كل هذه المناقشة؟ انظروا كيف يهدفون من نقاشهم لتضييع وقتنا! من هنا ندرك أن نقاش هؤلاء غالباً ما يكون عقيماً، وأنصح بالابتعاد عن مثل هذه المناقشات.
يؤكد البيان القرآني أن هؤلاء المجادلين بغير علم سوف يضلهم الله، بسبب إسرافهم واستهزائهم، يقول تعالى: (كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ * الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) [غافر: 34-35].
أما أولئك الذين يجادلون بأسلوب علمي بعيداً عن الاستهزاء وبهدف معرفة الحقيقة فهؤلاء من الممكن أن يهديهم الله فينبغي مناقشتهم وتعريفهم بحقيقة هذا الدين. ومن هنا ندرك الحكمة من قوله تعالى: (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ * أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأنعام: 121-122].
ينتقدون الحقيقة القرآنية
ثم ينتقل المشكك بعد ذلك وبعد أن ييأس من أن التفسير العلمي للآية صحيح، ويحاول التشكيك في الحقيقة القرآنية، فيقول: إن أي أعرابي بسيط يعيش في الصحراء يعرف هذه الحقيقة ويسوقون الأكاذيب والقصص ويدعون أنها موجودة في الكتب والمخطوطات وأكثر من90 % من كلامهم باطل وكذب وافتراء.
فنأتيهم بالدليل على أنه لا يمكن لأحد أن يعرف هذه الحقيقة العلمية في زمن نزول القرآن، وأحياناً نأتيهم بأقوال لعلماء الغرب يؤكدون أن هذه الحقيقة العلمية لم تُكتشف إلا في القرن العشرين، وعلى الرغم من ذلك لا تجدهم يقتنعون بل يشككوا من جديد في معاني كلمات الآية، ويقولون إن هذه الكلمة لا تدل على هذا المعنى.
ويضيعون وقتنا في التفتيش بين المعاجم اللغوية وكتب اللغة، وأخيراً وعندما نثبت لهم بالدليل القاطع أن الحقيقة العلمية صحيحة وأن التفسير العلمي للآية صحيح وأن المعجزة ثابتة لا شك فيها، يقولون إنها مصادفة!!!
وسبحان الله! كل هذا الوقت الذي أضعناه في نقاشهم ليخرجوا بنتيجة واحدة وهي مصادفة، وهذا ليس غريباً على ملحد لأن عقيدتهم أصلاً قائمة على المصادفة، فالكون جاء بالمصادفة، والكائنات الحية جاءت بالمصادفة، والنظام المحكم سواء في الكون أو في الخلق والكائنات الحية أيضاً جاء بالمصادفة، وأتمنى منهم أن يعطوني تعريفاً علمياً لهذه المصادفة العمياء؟
وقد حدث ذات مرة وبعد نقاش طويل ومجادلة امتدت ليالي وأياماً، بيَّنت خلالها للمشكك صدق هذه المعجزات فلم يجد من الاعتراف مهرباً، تخيلوا كل ما فعله قال: إن هذه المعجزات لا تعنيني بشيء وانسحب من النقاش!! وتذكرت قول الحق تبارك وتعالى عندما حدثنا عن حقيقة هؤلاء، وأن هدفهم الأساسي هو إبطال الحق، وأنهم لن يؤمنوا مهما حاولنا، يقول عز وجل: (وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُوًا * وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآَيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آَذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا) [الكهف: 56-57]. انظروا كيف نبَّأنا الله بنهاية كل ملحد مستكبر يستهزئ بآيات الله، تأملوا هذا التهديد الإلهي: (فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا)!! فلماذا نتعب أنفسنا يا إخوتي في نقاش هؤلاء، يكفي أن نعرفهم بحقيقة ديننا ونترك أمر الهداية لله تعالى.
آيات كثيرة تحذرنا من جدال هؤلاء
آيات كثيرة تحدثنا عن حقيقة هؤلاء وعن أهدافهم وهي إضلال الناس، ويحدثنا تبارك وتعالى عن الذين يقتدون بهم: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ * ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ * وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ * يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ * يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ) [الحج: 8-13].
لقد طمأننا الله تعالى أننا على الطريق المستقيم، وأن الله هو يتولى أمرهم يوم القيامة: (وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ * وَإِنْ جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ * اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [الحج: 67-68].
وينبغي ألا يغرنا هؤلاء بما يملكونه من إمكانيات ولا يغرنا تقلبهم في البلاد، فهذه فتنة يريد الله أن يضلهم بها: (مَا يُجَادِلُ فِي آَيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ) [غافر: 4]. وانظروا معي إلى سيدنا نوح بعدما جادل قومه 950 عاماً، ماذا قالوا له: (قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) [هود: 32-33].
لقد وصف الله لنا حقيقة هؤلاء المجادلين وأن الذي يحركهم هو الشيطان، فلذلك كلما رأينا ملحداً ينبغي أن نتخيل أن وراءه شيطان! كذلك أخبرنا الله بنهايتهم، يقول تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ * كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ) [الحج: 3-4].
وننبئهم بنهايتهم ونقول لهم أسرعوا فباب التوبة مفتوح، وإلا فهذا هو مصيركم إن شاء الله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ * الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ * ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ * ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ * ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) [غافر: 69-76].
ولذلك نصيحتي لكل مؤمن...
وخلاصة القول يمكنني أن أستشهد بحادثة حدثت معي فقد قال لي أحد الملحدين ذات يوم بعدما ملَّ من نقاشي، هل تريد أن أعطيك نصيحة وأوفر عليك هذا الجهد في إقناعي، إنني أفكر بطريقة مختلفة عنك، ففي اللحظة التي تسوق لي فيها الدليل تلو الدليل فإن كل تفكيري في هذه اللحظة هو كيف أنقد هذا الدليل ولا أفكر للحظة في الدليل نفسه، فموضوع اقتناعي بالإسلام أمر مستبعد كلياً، لذلك لا تُجهد نفسك معي!
ولذلك أرجو من إخوتي الذين يناقشون هؤلاء المشككين أن يحذروا من أساليبهم وأن أهدافهم واضحة، ليس لديهم أي نية للهداية، ولو أنهم أرادوا الهداية لهداهم الله بالفعل، والذي يريد الهداية لا يستهزئ بالأنبياء ولا يسب الله تعالى، ولا يسخر من المؤمنين، وما هم عليه من ضعف اليوم، بل من يريد الهداية يبحث ويفتش بصدق وسيصل إليها إن شاء الله.
وهكذا أنصح أن نقلل من نقاش هؤلاء قدر الإمكان، وأن نلتفت إلى أولئك الحائرين الذين بالفعل يبحثون عن حقيقة الإسلام، فهؤلاء أولى يجهدنا ووقتنا وأفكارنا، وأقول بعبارة أخيرة:
بعد تجربة طويلة مع المشككين أنصح أن نلتزم بالطريق الذي رسمه لنا كتاب الله تعالى، يقول تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [النحل: 125].
كيف نرد على الأباطيل التي يطلقها بعض أعداء القرآن؟
ربما سمع بعضنا عن كتاب جديد يمثل محاولة يائسة لإطفاء نور القرآن اسمه «الفرقان الحق»، إنه محاولة فاشلة لتقليد النص القرآني الكريم، ومحاولة يهدفون من خلالها إبعاد المسلمين عن كتاب ربهم وتصوير هذا الكتاب العظيم على أنه كلام عادي من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم!!! وأن باستطاعة أي واحد أن يأتي بكلام مثل القرآن!!
وتتجدد أساليب الباطل بصور مختلفة: فيرسمون تارة صورة مسيئة للنبي الأعظم، وينشرون مقالة تارة أخرى تنتقد مبادئ الإسلام، وتجدهم في أسلوب آخر يطرحون الأسئلة المغلوطة ليشككوا المسلمين بدينهم الحنيف.
وسبحانك يا رب العالمين ما أكرمك وأرحمك وأعظمك! هم يقولون هذا الكلام الباطل على حبيبك ورسولك وخاتم أنبيائك عليه الصلاة والسلام، وأنت ترزقهم وتتفضل عليهم وتمهلهم!! ولكنني تذكرت قول الله تبارك وتعالى عن هؤلاء الذين يحاولون التشكيك برسالة الإسلام ويريدون أن يطفئوا نور القرآن بكلامهم ومقالاتهم: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [التوبة: 31-33].
قد يقول قائل: لماذا نردّ على هذه الافتراءات ونضيع الوقت؟ أليس الأجدر إهمالها وتركها لأنها لا تستحق الردّ؟ وأقول بأن المؤمن المحبّ لكتاب ربه يغار على هذا الكتاب الكريم، ولا يسمح لأحد أن ينتقده، بل إن السكوت عن أمر كهذا يعطي إشارة مبطّنة لبعض ضعاف القلوب من المسلمين أن علماءهم لا يستطيعون مجاراة هؤلاء أو الرد عليهم. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما يرى منكراً يغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان، ونحن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقل ما نقدمه لخدمة كتاب الله تبارك وتعالى هو كلمة حق نظهر من خلالها صدق القرآن وأنه كتاب منزل من الله تعالى وأن الإسلام هو دين العلم والمنطق والعدل.
لذلك نجد القرآن الكريم نفسه قد عرض أقوال منتقديه ومعارضيه بالتفصيل، وردّ عليهم بأسلوب منطقي وعلمي ولم يترك المؤمنين حائرين أمام هذه الاعتراضات. فقد خاطب تعالى حبيبه صلى الله عليه وسلم بقوله: (وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا) [الفرقان: 33]. فقد رد القرآن جميع ادعاءات المعارضين بشكل علمي. ولو تأملنا آيات القرآن الكريم نجد مئات الآيات قد تحدثت عن أقوال الكافرين والملحدين والمشككين بالقرآن، بل إن القرآن حدثنا عما يدور في قلوبهم وأنفسهم وما تخفي صدورهم!! ولكن لماذا هذا الكمّ الهائل من الآيات التي تنقل لنا ادعاءات المبطلين وتناقش أقوالهم وأفعالهم وتردّ عليها؟
لقد وجدتُ بأن الهدف من وراء هذه الآيات هو تعليم المؤمن كيف يردّ إذا تعرض لموقف كهذا، وكيف يناقش ويتعامل مع منكري القرآن، وكيف يقنعهم بالحجة الدامغة. وكلنا يعلم كيف اعترض كفار مكة على القرآن وقالوا إنه سحر مبين تارة، وتارة أخرى قالوا بأنه كلام بشر. فكيف علّم الله رسوله أن يردّ عليهم؟
يقول تعالى على لسان هؤلاء المشركين: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ) [هود: 13]. هذا ادعاؤهم ولكن كيف أجابهم القرآن؟ يخاطب الله تعالى حبيبه محمداً صلى الله عليه وسلم بكلمة (قل) أي قل لهم يا محمد: (قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ) وماذا أيضاً؟ (وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ). ولكن الله أعطانا النتيجة مسبقاً فقال: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [هود: 14].
إذن عندما يأتي أحد الملحدين ويدعي بأن القرآن ليس كلام الله وأن الرسول قد افتراه ونسبه إلى الله، نطلب منه أن يأتي بسور تشبه سور القرآن! وعندما لا يستجيبون لهذا التحدي فينبغي علينا أن نعلم بأن الله هو الذي أنزل القرآن بعلمه وقدرته وحكمته.
وقد شهدنا الكثير من المحاولات الهادفة لتقليد النص القرآني والإتيان بمثله، ولكن هل هنالك محاولة واحدة نجحت وصدّقها أحد؟ وقد مضى على نزول القرآن أكثر من 1400 سنة فهل استطاع أحد أن يأتي بسورة واحدة يدعي أنها من عند الله وأقنع بها الناس؟
إذن القرآن يطلب منهم أن يأتوا بسور من مثله، وطلب منهم أن يعملوا ويجتهدوا في سبيل ذلك وهيهات أن تنجح محاولاتهم. والمحاولة التي سنعرضها الآن هي إحدى هذه المحاولات التي تهدف إلى إثبات أن القرآن كلام بشر، وسوف نعرض كل الحجج التي ساقها المؤلف، وسوف نرى بأن التفسير الذي قدّمه صاحب هذا المقال غير صحيح على الإطلاق، بل هذا التفسير يصلح لأي حروف! وستكون لغتنا في الإقناع هي نفس اللغة التي استخدمها صاحبنا أي لغة الأرقام.
وينبغي أن نستيقن دائماً بأن الله تبارك وتعالى لن يجعل حجّة لأحد على المؤمنين: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) [النساء: 141]. ولذلك مهما حاول المشككون ومهما اجتهدوا فلن يستطيعوا الانتقاص من شأن هذا القرآن، ولن يتمكنوا من إضعاف معجزاته وعجائبه. وأسأل الله تعالى أن تكون هذه المقالة سبباً في هداية كل من لديه شك بالقرآن، وكذلك أسأله عزّ وجل أن يجعل فيها الخير والنفع والفائدة للمؤمنين المحبِّين للقرآن، وأن يزدادوا إيماناً ويقيناً بعظمة هذا القرآن وعظمة إعجازه.
إنهم يقولون بأن الراهب بَحيرة قد علّم محمداً القرآن ، وأمره أن يكون ديناً لنفسه!! وسبحان الله! لم أكن أعلم من قَبل أن هذا الراهب له كل هذه السيطرة على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، حتى يضع قرآناً، ويضمن قبوله من محمد، وكذلك يضمن قبوله من بلغاء العرب وفصحائهم، ويضمن أيضاً عدم اعتراض المشركين عليه، وكذلك يضمن بقاءه 1400 سنة!!
وهل يعقل أن رجلاً مسناً وضعيفاً مثل بَحيرة استطاع أن يحرّف القرآن ويضع فيه ما يشاء في بضع سنوات، ولم يستطع كل الكفار والمشركين والملحدين أن يحرفوا القرآن طيلة أربعة عشر قرناً؟ لذلك فإن القرآن يعرض أقوال الملحدين بأن القرآن هو أساطير وألغاز وخرافات نقلها وأملاها عليه الرهبان والكهان، فيقول على لسانهم: (وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) [الفرقان: 5]. ولكن كيف ردّ القرآن افتراءهم هذا؟ يقول تعالى معلماً رسوله الكريم كيف يرد عليهم: (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) [الفرقان: 6].
إن الله تعالى قد حدثنا عن هؤلاء في كتابه، وأخبرنا بأنه سيأتي زمن يدعي فيه المشككون بأن الرسول عليه الصلاة والسلام قد علّمه بشر، وأجابهم عن هذه الشبهة بأن البشر الذي ينسبون إليه العلم إنما كتابه وهو الإنجيل باللغة غير العربية أي لغة أعجمية، فكيف علّم الرسول كل هذه البلاغة وهو لا يتقنها؟ ولو كان لدى هذا الراهب بلاغة كالقرآن، إذن لماذا أعطاها للرسول؟ أليس الأجدر به أن ينسبها لنفسه مثل بقية البلغاء من العرب وحكمائهم وشعرائهم؟؟
واستمع معي أخي القارئ إلى هذا النبأ الإلهي أخبرنا بما سيقوله هؤلاء وبالرد عليهم، يقول تعالى مخاطباً حبيبه محمداً عليه صلوات الله وسلامه: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ) هذا قولهم، ولكن كيف ردّ علهم سبحانه وتعالى؟ تأمل بقية الآية: (لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) [النحل: 103]. وسؤالنا: هل هذه الآية العظيمة التي تنفي تعليم البشر للنبي الكريم، هل هذه الآية وضعها الراهب بحيرة أيضاً؟
والله لو عرضنا هذا القرآن على علم النفس الحديث وعلم البرمجة اللغوية العصبية وطلبنا من علماء النفس أن يحللوا لنا شخصية كاتب هذا القرآن، ولو أن هؤلاء درسوا القرآن بأسلوب البحث العلمي الحديث، لخرجوا على الفور بنتيجة ألا وهي أن هذا القرآن لا يمكن ولا ينبغي أن يكون من تأليف بشر، ويكفي أن القرآن يعرض أقوال المعارضين له ويرد عليها، كيف يمكن لبشر أن يفعل هذا. وقد كانت هذه الظاهرة سبباً في إسلام بعض علماء الغرب.
وأوجه أسئلة لأولئك الذين يدعون أن القرآن من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم:
1- كيف يمكن لبشر أن يؤلف كتاباً وينسبه لغيره ولا يتباهى به أمام قومه وهو أمي لا يعرف القراءة والكتابة؟
2- كيف يمكن لبشر أن يتحدى الناس جميعاً أن يأتوا بمثل نص أو سورة من كتابه، وكيف يضمن بقاء هذا التحدي أربعة عشر قرناً؟
3- لماذا أقحم هذا المؤلف (وهو سيدنا محمد حسب زعمهم) الكثير من الحقائق العلمية؟ وما الذي يدعوه للخوض في مثل هذه المسائل الدقيقة؟ أليس الأجدر به أن يبتعد عنها وبخاصة أنه يخاطب أناساً يعبدون الأصنام؟
4- مثلاً لماذا حدثنا عن البنية النسيجية للكون فقال: (والسماء ذات الحُبُك) [الذاريات: 7]؟ كيف علم بذلك؟ ألا يخشى أن يكون على خطأ فيأتي من يثبت خطأه من بعده؟
5- لماذا تحدث هذا المؤلف (أي مؤلف القرآن حسب عقيدتهم) عن حقائق كثيرة تشمل يوم القيامة وأنباء الغيب وقصص الأنبياء وتحدث عن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وأمر بالصدق وكرَّم جميع الأنبياء في حين أن الكتب المقدسة المحرفة لم تكرِّم نبياً واحداً؟
6- لو كان النبي الأعظم هو مؤلف القرآن فلماذا ذكر اسم (الله) 2699 مرة وهو أكثر اسم تكرر في القرآن؟ بينما ذُكر اسم (محمد) أربع مرات فقط؟ لماذا لم يذكر قصته قبل البعثة الشريفة، لماذا لم يتحدث عن أصدقائه وزوجاته وبناته وقصص زواجه ولماذا لم يضمن القرآن شيئاً من الشعر مادام لديه كل هذه القدرة البلاغية ونحن نعلم أهمية الشعر في ذلك الزمن؟
7- وكيف ضمن أن الإسلام سيكون الدين الأكثر انتشاراً في العالم فقال: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) وهذا ما تقوله الإحصائيات اليوم أن الإسلام خلال سنوات سيكون الديانة الأولى في العالم من حيث عدد أتباعه ومن حيث عدد الدول التي ينتشر فيها، كيف علم رجل أمي يعيش قبل 14 قرناً بهذه الحقيقة؟
أسئلة كثيرة تنتظر من يجيب عنها قبل أن يوجه انتقاده للإسلام، وقبل أن يرسم صورة لنبي الرحمة عليه الصلاة والسلام، ونقول نرجو أن تقرأوا معجزات هذا القرآن وتجيبوا عن هذه الأسئلة قبل أن تتصوروا نبينا بالصورة التي قدمتموها له.
وانظروا معي إلى عظمة هذا النبي وكيف كرَّمه الله تعالى بآيات عظيمة تكفيه فخراً، وكيف أمره أن يلجأ إلى العبادة عندما يتعرض لاستهزاء أو إيذاء، وأن الله سيجعل هذا الاستهزاء تكريماً له وأن أفضل عمل يمكن أن نقوم به نصرة لهذا النبي الكريم أن نكثر من السجود والعبادة والدعاء، والله سييسر لنا أسباب إقناع غير المسلمين بصدق هذا النبي، انظروا معي كأن القرآن يتنبأ بأمثال هؤلاء ويحدثنا عنهم وأنهم سيُسألون يوم القيامة عن هذه الجريمة: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ * فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ * الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: 92-99].
حقائق جديدة تثبت صدق كلام الله وكذب كلام الملحدين
كعادتهم دائماً يتابع الملحدون انتقادهم لأي شيء يصادفهم في كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام، ويسوقون الحجج الواهية على أن القرآن يناقض العلم والحقائق العلمية. وإن الذي يتعمق في شخصية "الملحدين" يرى بأنهم يحاولون أن يخطِّئوا أي بحث في الإعجاز العلمي ويستخدمون الوسيلة ذاتها وهي إما أن ينكروا الحقيقة العلمية، أو ينكروا التفسير العلمي للآية أو الحديث.
وعندما فتشوا في كتاب الله وجدوا أن القرآن يحرِّم الزواج من الإخوة في الرضاعة، أي أن الأم التي ترضع ولداً غير أبنائها، يصبح كبقية أبنائها أخاً لهم. ووجدوا وسيلة للتشكيك في كتاب الله، فقالوا إن محمداً صلى الله عليه وسلم حرَّم أخوة الرضاعة لأنه رضع من غير أمه، وأنه لا فرق بين من يرضع من أمه أو من غيرها، وأن هذه الآية تناقض العلم!
وقد ظهرت مؤخراً بعض الأبحاث الطبية التي تؤكد أن حليب الأم يؤثر على الجهاز المناعي للطفل، فهو يحوي مضادات حيوية تقي الطفل شر الأمراض وبخاصة أمراض الجهاز الهضمي، ولكن هذه الأبحاث لم تكن كافية للملحدين ليقتنعوا أن حليب الأم له خصوصية، وأنه يختلف عن الحليب العادي. وقالوا إن هذه المضادات الحيوية غير كافية لتجعل من هذا الطفل أخاً في الرضاعة.
والحقيقة يا أحبتي أن هؤلاء يحاولون التشكيك بهدف التشكيك، ويجادلون بهدف المجادلة فقط، ولذلك لا يمكن الوصول معهم إلى نتيجة، ولكن لا يعني ذلك ألا نناقشهم ونقيم عليهم الحجة، لأن بعض إخوتنا من المسلمين وبخاصة الذين لا يمتلكون قاعدة علمية وإيمانية قوية يتأثرون بكلامهم، لذلك أنصح كل أخ مؤمن أن يطلع على الإعجاز العلمي جيداً ثم يطلع على انتقادات الملحدين لها، وسيرى ويحكم بنفسه أنها انتقادات ضعيفة جداً وغير مقنعة.
لقد اجتهد بعض علمائنا في إثبات الإعجاز العلمي لهذه الرضاعة، ولكن الملحدين سخروا من هذا الأمر، وطلبوا الدليل العلمي والمرجع واسم العالم "الغربي" واسم الجامعة التي تم فيها هذا البحث، وهذه عادتهم كما أسلفنا. ولكن وكما نعلم فإن أي اكتشاف يبدأ بشكل نظرية ثم يصبح حقيقة مع الزمن، والبحث الجديد الذي قدمه الدكتور Mark Cregan عالم البيولوجيا الجزيئية من جامعة غرب أستراليا، هو اكتشاف يعرض لأول مرة كما يقول (فبراير 2008)، وقد أثبت من خلاله أن حليب الأم يؤثر على الطفل الذي رضع منها بشكل مذهل لم يكن معروفاً من قبل، لنقرأ.
يؤكد الأطباء حتى هذه اللحظة أنهم يجهلون التركيب الدقيق لحليب الأم. ولكن الدكتور سيرغان يقول في بحثه:
إننا وللمرة الأولى ندرك أن حليب الأم يحوي خلايا جذعية (جنينية)، وهذه الخلايا معقدة لدرجة كبيرة لا نزال نجهلها. وهي تؤثر على الطفل الذي يرضع حليب أمه بشكل كبير.
إن الخلايا الجذعية الموجودة في حليب الأم تشبه بل تطابق تماماً خلايا الجنين الذي تحمله في بطنها! أي أن الطفل الذي يرضع من ثدي امرأة غير أمه يكتسب خصائص تشبه خصائص إخوته.
بل إن الدكتور Mark Cregan يقول وبالحرف الواحد:
إن الخلايا الجنينية الموجودة في حليب الأم تحوي برنامجاً يؤثر على من يتناول هذا الحليب، وتساهم في بناء الأنسجة في جسده، بل وتؤثر على سلوك هذا الطفل في المستقبل ويستمر تأثيرها إلى ما بعد مرحلة البلوغ!
صورة للخلايا الجذعية في حليب الأم وهي الخلايا الصغيرة باللون الأحمر والأزرق، أما الخلايا ذات اللون الأخضر فهي خلايا الأم الموجودة في حليبها، وهذه الصورة تثبت أن حليب الأم يحوي نفس خلايا أبنائها، أي أن الطفل الذي يرضع من امرأة يكتسب صفات أمه وإخوته في الرضاعة!
ولكي لا يشكك ملحد مستكبر بهذه الحقائق يمكن الرجوع لهذا البحث وعنوانه (Breast milk contains stem cells,) وهو موجود على الرابط: http://www.sciencealert.com.au/news/20081102-16879.html
ويؤكد البحث الجديد بشدة أن لبن الأم لا يشبه أبداً أي لبن على وجه الأرض، بل هناك اختلاف كبير بين الحليب العادي وحليب الأم، ولكن شركات تصنيع الحليب المجفف صورت إنتاجها على أنه يضاهي حليب الأم وهذا الكلام غير صحيح، وهذا القول للدكتور سيرغان.
ويحاول الدكتور سيرغان استغلال هذه الخلايا في علاج الأمراض المستعصية، مثل السكري وغيره، ويؤكد بثقة تامة أن حليب الأم ليس مجرد غذاء، بل يؤثر على الطفل الذي يتناوله، لأنه يستهلك كمية من خلايا مرضعته لتصبح مثل أمه!! ويقول إن اكتشافه هذا سيكون بداية لسلسلة من المفاجآت!
طبعاً الخلايا الجنينية أو الجذعية تتميز بأنها قادرة (بأمر الله) على التطور إلى أنواع مختلفة من الخلايا مثل خلايا الجلد وخلايا الأنسجة وغير ذلك، وبالتالي فإن الطفل الذي يرضع من امرأة، فإن خلايا هذه المرأة تدخل إلى جسده وتتطور إلى أنواع أخرى من الخلايا، أي أنه يكتسب صفات من أمه، لأنه يحمل في جسده خلايا منها تماماً مثل أبنائها والذين سيصبحون مثل إخوته!
ولا ننسى أن حليب الأم يحوي خلايا مناعية وهذه تدخل إلى جوف الطفل وتساهم في بناء نظامه المناعي، وإعادة برمجة هذا النظام، ويؤكد الباحثون أن هناك خلايا أكثر تعقيداً لا تزال مجهولة في حليب الأم ويمكن أن يكون لها أثر كبير على الطفل! ويؤكد هذا العالم بقوة أن حليب الأم يختلف عن الحليب البقري أو المجفف، بل لا يوجد أي تشابه بينهما، وأن حليب البقر أو المجفف هو مجرد غذاء، وأن حليب الأم أكثر من ذلك يكثير، حيث يحوي أعقد أنواع الخلايا، والتي لا توجد في أي حليب آخر! وفي هذا رد على من يسخر من تعاليم القرآن والسنة، ويقول إذا شربنا حليب بقرة فهل تصبح أماً لنا؟! بالطبع لا لأن حليب البقر لا يحوي الخلايا التي اكتشفها العلماء والتي تؤثر على مناعة الجسم وعلى نظام تطور الطفل وعلى بناء أنسجته!
ولو كان الأمر كذلك إذاً لماذا يحذر العلماء من ترك الإرضاع الطبيعي، ونجدهم في كل مؤتمراتهم يؤكدون على أهمية التغذية بحليب الأم (أو أي امرأة المهم أن يكون حليباً بشرياً)؟ فحليب البقر لا يحوي هذه الخلايا وهذه الأجسام المناعية، ولا يحوي مضادات حيوية، ولا يحوي خلايا جنينية، ولو احتوى على ذلك لكان له نفس أثر حليب الأم. ولكن حليب البقر يؤثر على البقر نفسه فيزيد المناعة، وليس على البشر!
ونقول سبحان الله! هذه اعترافات صريحة وواضحة من أحد علماء الغرب، أن حليب الأم ليس مجرد غذاء، بل هو أكثر من ذلك، إنه إعادة بناء لخلايا الطفل بما يتفق مع خلايا المرأة التي أرضعته، وسؤالنا: أليس هذا ما أشار إليه القرآن قبل أربعة عشر قرناً؟
وجه الإعجاز
- إن هذا الاكتشاف يؤكد أن الطفل يكتسب خصائص المرأة التي أرضعته وأبناءها، لأن الخلايا ذاتها (خلايا المرأة المرضعة وأبنائها) تدفقت إلى جسده وأحدثت تغييراً جذرياً. ولذلك قال: (وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ) [النساء: 23].
- إن اكتساب خصائص جديدة للطفل لا يعني أنه يغير خصائصه الأصلية، فجسده يحوي خلايا أمه الحقيقية، ويحوي خلايا من المرأة التي أرضعته، ولذلك كانت هذه المرضعة بمثابة أم له، ولذلك قال تعالى (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ) [النساء: 23]. وهذا سبق علمي للقرآن حيث سمَّى المرضعة بالأم لأنها بالفعل تعطي رضيعها نفس الخلايا التي قدمتها لأبنائها، ونفس الخلايا التي في جسدها.
- يؤكد البحث الجديد أن تأثير حليب الأم يستمر إلى ما بعد البلوغ، وقد يستمر حتى نهاية حياة الإنسان. وبالتالي فإن التغيير الذي حدث في بنية هذا الطفل أو الطفلة يستمر إلى ما بعد زواجه ويورثه لأبنائه، ولذلك يحرم مثلاً الزواج ببنت الأخت من الرضاعة. ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسَب) [متفق عليه]. صدقت يا حبيبنا يا رسول الله!
والآن ربما ندرك الحكمة العلمية ولماذا اعتبر القرآن أن المرأة التي ترضع طفلاً تصبح أماً له في الرضاعة، وأبناؤها يصبحون إخوة له في الرضاعة، فالقرآن حريص على سلامتنا وصحتنا وسعادتنا. فكما نعلم زواج الإخوة يؤدي إلى احتمال كبير أن يأتي الجنين مشوهاً، ولذلك حرم الله تعالى زواج الإخوة في الرضاعة، لحمايتنا من أي مشكلة أو خطر أو مرض.
ولكن الملحد طبعاً سيطلب الدليل على ذلك أيضاً، وسيقول: أثبتوا لنا أن زواج الإخوة من الرضاعة له أضرار، ونقول سوف تكشف الأبحاث إن شاء الله صدق كلام الله تعالى عاجلاً أم آجلاً، ولن تكون هناك حجة لملحد على مؤمن، كيف ذلك والله تعالى هو القائل: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) [النساء: 141].
نماذج من انتقادات الملحدين للإعجاز العلمي والرد عليها
انظروا يا أحبتي كيف ينتقدون معجزات القرآن ويكررون الحجة ذاتها، يطلبون الدليل والمرجع العلمي الغربي، ونريد أن نقول إننا لا ننتظر علماء الغرب حتى يثبتوا لنا صدق كتاب الله وسنة حبيبه عليه الصلاة والسلام، بل مرجعنا هو القرآن والسنة، وما هذه الاكتشافات العلمية إلا وسيلة تزيد إيماننا وخشوعنا أمام هذه المعجزات.
طبعاً لم يتركوا شيئاً إلا وانتقدوه لأن أسهل شيء على الملحد أن يقول لك أين الدليل وأين اسم العالم وأين البحث الذي يثبت صدق هذه المعجزة، ولو اتسع المقام لسردنا كل انتقاداتهم، ولكن لكي لا يمل القارئ نقتصر على بعض النماذج، لنرى كذبهم وضعفهم أمام الحجة والبرهان العلمي.
لنرى كيف أنهم ينكرون الحقائق العلمية، ويصورون لنا أنهم يستندون إلى لغة العلم، وهم في الحقيقة أبعد الناس عن المنطق العلمي، إذ كيف يمكن أن أثق بعقل إنسان يعتقد أن كل ما في الكون من خلق وإبداع وإتقان هو من صنع مصادفة عمياء! وبما أنهم لا يقتنعون بكلام الله أو كلام علمائنا، فسوف نترك أقوال علمائهم لترد عليهم!
انتقادهم لمدة الرضاعة
قال بعض المشككين إن المدة التي حددها القرآن للرضاعة وهي حولين كاملين (أي سنتين) غير صحيحة علمياً، لأن الطفل يمكن أن يكفيه سنة مثلاً وهذا أمر يعود للأطباء ولسنا ملزمين بتعاليم القرآن لأنها لا تتفق مع البحث العلمي الحديث.
ونقول يا أحبتي إن كلامهم هذا لا يستند إلى أي بحث علمي بل إن الأطباء بالفعل قالوا ذلك في البداية لكنهم عدلوا عن قولهم بعدما ظهرت لهم حقائق جديدة ويقينية. واليوم يتحدث معظم الأخصائيين في علم تغذية الطفل أن المدة المثالية للإرضاع هي سنتين كاملتين!! وسوف نضع أقوال العلماء بحرفيتها مع المرجع، لكي لا ندع مجالاً للتشكيك بصدق هذه الحقائق العلمية.
فقد عقدت منظمة الصحة العالمية مؤتمراً لها بعنوان "Complementary feeding" عام 2001 وجاء بنتيجته:
The first two years of a child’s life are a critical window during which the foundations for healthy growth and development are built. Infant and young child feeding is a core dimension of care in this period.
ومعنى هذا الكلام: "إن السنتين الأوليين من حياة الطفل هما نافذة حرجة يتم خلالهما بناء التأسيسات للنمو والتطور الصحي. إن تغذية الطفل الرضيع هي بعد جوهري للعناية خلال هذه الفترة". ومرجع هذا البحث هو:
Complementary feeding, Report of the global consultation, Geneva, 10-13 December 2001.
ويقول العلماء اليوم بعد تجارب استمرت نصف قرن:
After a child reaches 2 years of age, it is very difficult to reverse stunting that has occurred earlier
وترجمة هذا القول: "بعد أن يبلغ الطفل سنتين من العمر من الصعب جداً أن ينعكس العامل المعيق للنمو والذي كان ممكن الحصول قبل هذه المدة". ومرجع هذا البحث هو:
Kathryn Dewey, GUIDING PRINCIPLES FOR COMPLEMENTARY FEEDING OF THE BREASTFED CHILD, Global Consultation on Complementary Feeding, December 10-13, 2001.
كذلك فقد بينت الأبحاث الحديثة أن الإرضاع الطبيعي لمدة 24 شهراً يقي الأم من خطر سرطان المبيض بنسبة الثلث. والمرجع العلمي لهذاالكلام هو:
"Rates and risks of ovarian cancer in subgroups of white women in the United States." Obstet Gynecol 1994 Nov; 84(5): 760-764
فهل يوجد أوضح من هذا الكلام في أن المدة المثالية للإرضاع هي حولين كاملين كما قال تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) [البقرة: 233]. فالرضاعة التامة والتغذية الصحيحة لا تكتمل ولا تتم إلا بعد سنتين كاملتين، أليس هذا ما يقوله العلماء اليوم؟
انتقادهم لحديث الذباب
لقد انتقدوا حديث النبي الأعظم عندما قال: (إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه، فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء) [رواه البخاري]. وقالوا: كيف يمكن أن نجد الشفاء في ذبابة، وإن علماء الإعجاز يدعون أن جسد الذبابة يحوي مضادات حيوية، ويستخفون بعقول العامة من المسلمين، فأين هذا البحث وما هو اسم الباحث الذي اكتشف ذلك، وكيف يمكن للعقل أن يتقبل أن الذباب فيه شفاء؟
ولكن يا أحبتي وبعد البحث تبين بالفعل أن علماء الغرب اكتشفوا حديثاً مضادات حيوية على السطح الخارجي للذباب ولا تتحرر إلا بغمسه في السائل، وقالوا إن هذه المضادات من أقوى الأنواع وهي تبشر بعلاج الكثير من الأمراض المستعصية.
فهذا هو البروفسور Juan Alvarez Bravo من جامعة طوكيو، يقول: إن آخر شيء يتقبله الإنسان أن يرى الذباب في المشفى! ولكننا قريباً سوف نشهد علاجاً فعالاً لكثير من الأمراض مستخرج من الذباب، وملخص هذا البحث منشور على موقع Economist
The ointment in the fly: antibiotics, The Economist, December 3, 1994.
ومنذ أشهر قليلة حصل باحثون من جامعة Auburn على براءة اختراع لاكتشافهم بروتين في لعاب الذبابة، هذا البروتين يمكنه أن يسرع التئام الجروح والتشققات الجلدية المزمنة! وهذا البحث نجده على موقع جامعة Auburn :
Protein in Fly Saliva Speeds Healing of Incisions, Wounds, Auburn University, 23 Jan 2005.
وقبل أشهر أعلن الباحثون في جامعة ستانفورد أنها المرة الأولى التي يكتشفون فيها مادة في الذباب يمكنها تقوية النظام المناعي للإنسان! وقد نشروا هذا البحث على موقع جامعة Stanford وهذا هو مرجع البحث:
Fruit Fly Insight Could Lead To New Vaccines, Stanford University, March 11, 2007.
وتقول الباحثة الأسترالية كلارك بالحرف الواحد:
" but we are looking where we believe no-one has looked before,”
أي أننا نبحث عن المضادات الحيوية في مكان (وهو الذباب) لم يكن أحد يتوقعه من قبل، ونجد خبراً علمياً حول هذا البحث على موقع abc يمكن الرجوع إليه:
1 Danny Kingsley , The new buzz on antibiotics, www.abc.net.au, 1 October 2002.
وكما تلاحظون يا أحبتي فإن العلماء بالفعل اكتشفوا هذه المضادات الحيوية في الذباب ويحاولون الاستفادة منها في علاج وشفاء الأمراض، وقد وضعت أسماء العلماء والجامعات وتاريخ نشر هذه الأبحاث، وهذه الحقائق تكذب الملحدين والمشككين، فلا أدري كيف سيرد الملحدون على هذه الحقائق الدامغة؟!
انتقادهم للدخان الكوني
لقد انتقدوا أيضاً الآية التي تتحدث عن بداية الكون وأنه كان دخاناً، وقالوا بأن العلماء اكتشفوا أن الكون كان مليئاً بغاز الهيدروجين، وإن كلمة (دخان) الواردة في قوله تعالى: (ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ) [فصلت: 11]، هذه الكلمة غير صحيحة علمياً لأن التركيب الكيميائي للدخان يختلف تماماً عن تركيب الغاز، والعلماء يسمون السحب التي تنتشر في الكون "غبار كوني" وليس "دخان كوني" كما يدعي القرآن، وتركيب الغبار يختلف أيضاً عن تركيب الدخان، ويكفي أن نجد خطأً علمياً واحداً في القرآن لنثبت أنه كتاب محرف أو ليس من عند الله لأن الله لا يخطئ! هذا قولهم بأفواههم، وهذه حجتهم التي يدعون أنها علمية.
انظروا يا أحبتي كيف يصورون لنا أنهم يتبعون المنهج العلمي (وهم أبعد الناس عن المنهج العلمي) ولدى التأمل قليلاً في اكتشافات العلماء ندرك أن كل كلمة جاءت في القرآن هي الحق. وأن الملحد يكذب، كيف لا وهو قد أنكر وجود الخالق تبارك وتعالى، أفلا ينكر حقيقة علمية؟
تأملوا معي آخر ما وصلت إليه الأبحاث في وكالة الفضاء الأمريكية ناسا بعد التقاطهم لذرات الغبار الكوني، ماذا وجدوا، وقد مضى عشرات السنين وهم يطلقون عليها مصطلح "غبار" اقرؤوا معي:
فهذا هو الدكتور "دوغلاس بيرس" وهو العالم الذي أشرف على تحليل جزيئات الغبار الملتقطة من الفضاء يقول بالحرف الواحد:
Unlike household dust, cosmic 'dust' actually consists of tiny solid grains (mostly carbon and silicates) floating around in interstellar space, with similar sizes to the particles in cigarette smoke.
ومعنى ذلك: "الغبار الكوني- والذي لايشبه الغبار المنزلي- في الحقيقة يتألف من حبيبات صلبة دقيقة (وغالباً من الكربون والسيليكون) تسبح في الفضاء بين النجوم، وحجمها مشابه لحجم دخان السيجارة". ومرجع هذا البحث هو:
http://outreach.jach.hawaii.edu/pressroom/2003_casa/
وهذه إحدى المقالات العلمية الحديثة يصرح كاتبها بالحرف الواحد:
The dust particles that are mixed with the gas are tiny, only a fraction of a micrometer in size, and could therefore better be described as ``smoke´´.
ومعنى ذلك أن: ذرات الغبار الممزوج بالغاز دقيقة، وحجمها يساوي جزء من الميكرون فقط، ولذلك فإن أفضل وصف لها "دخان". ومرجع هذه المقالة على الرابط:
http://www.chl.chalmers.se/~numa/astrophysics/molecules/molecules.html
حتى إن علماء الفضاء ومن على أكبر مواقع الفضاء في العالم يدرسون هذا الغبار الكوني ويقولون بالحرف الواحد:
Cosmic dust particles are very small. To understand their size and consistency, they may best be visually compared to cigar smoke
أي: "ذرات الغبار الكوني صغيرة جداً. ولكي نفهم حجمها وقوامها، فإن أفضل طريقة هي أن نقارنها بدخان السيجارة". وقد نشرت هذا البحث وكالة ناسا للفضاء:
http://saturn.jpl.nasa.gov/spacecraft/inst-cassini-cda-details.cfm
وجاء في نتيجة التحليل المخبري لهذا الغبار، وبالحرف الواحد:
Interstellar and interplanetary dust grains between about .6 micrometers and 1.4 micrometers are captured by Jupiter's magnetosphere, or area of magnetic influence, according to the study. Such particles are smaller than the diameter of a human hair and about the size of smoke particles.
وترجمة هذا الكلام: "حبيبات الغبار بين النجوم والكواكب يتراوح حجمها بين 0,6 ميكرون و 1،4 ميكرون، وهي ملتقطة من الغلاف الجوي للمشتري، أو من منطقة التأثير المغناطيسي وفقاً للدراسة. حبيبات كهذه أصغر من قطر شعرة الإنسان وهي بحجم ذرات الدخان".
وهذا الكلام موجود في مقالة علمية بعنوان: Dust ring around Jupiter على الرابط:
http://www.xs4all.nl/~carlkop/dustring.html
ولو ذهبنا نعدد أقوال وتصريحات علماء الغرب حول الدخان الكوني وأنهم كانوا مخطئين عندما أطلقوا كلمة (غبار) وأن الكلمة الدقيقة علمياً هي (دخان) لاحتجنا لصفحات تملأ هذا الموقع! ولذلك يا إخوتي لا يغرَّنَّكم كلام المشككين، فهو كلام قائم على الكذب، وهم يعلمون الحق ولكنهم ينكرونه.
ولذلك يا أحبتي أعود وأكرر:
إن هؤلاء الملحدين يكذبون في كل ما يدعونه، وقد اطلعت على كتاباتهم ووجدت أنهم يضيعون وقت المؤمنين بهذه الانتقادات، ولكن ومن عظمة كتاب الله تعالى أنهم كلما ساقوا انتقاداً كان ذلك سبباً في اكتشاف معجزة جديدة، وعلى الرغم من هذه الانتقادات والمحاولات الهادفة لإطفاء نور القرآن إلا أن الإسلام ينتشر، بل هو من أسرع الديانات انتشاراً باعتراف علماء الغرب! وهذا يدل على صدق قول الحق تبارك وتعالى عندما قال عنهم: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [التوبة: 32-33].
ــــــــــــ