وفي يوم من الأيام، كنتُ على موعد مع فعل معصية، وكان ذلك الموعد في مكان بعيد، في منطقة أخرى، ولم أكن بعد قد استعدت كامل صحتي بعد تلك العملية، ولكني خاطرت، فركبت سيارتي وانطلقتُ متوجهاً إلى تلك المنطقة، وفي الطريق انفجرتُ إحدى العجلات بقوة، فاضطررتُ إلى الخروج عن الطريق، والدخول في منطقة رملية.
كنتُ في تلك اللحظات أشعر بألم شديد من آثار تلك العملية الجراحية التي لا تزال آثارها باقية، حتى أني أكاد أعجز عن حمل نفسي، وبصعوبة نزلتُ من السيارة وحاولت أن أرفعها، ولكني كلما رفعتها سقطت، حاولت مراراً ولكن دون جدي، فلما يئست، وقفت على جانب الطريق وحاولت أن أستعين بعض المارة، ولكنهم لم يقفوا لمساعدتي.
اقتربتِ الشمس من الغروب، وأحسستُ بأني وحيد في هذا المكان الموحش، فضاقتْ بي الدنيا، ولم أدر ما أفعل، وهنا لم أجد من ألتجئ إليه إلا الله الواحد الأحد، ومن غير شعور، جثوت على ركبتي، ومددت كفي إلى الله -عز وجل- فدعوته في تلك اللحظات أن يُفرج همي ويكشف كربتي.. ولم يكن ذلك عن إخلاص منيّ ولكنها الفطرة. وعدتُ إلى سيارتي وبعد عدة محاولات تمكنت بعون الله من رفعها، وقمت بتبديل العجلة التالفة وأخرجت السيارة وقد أوشكت الشمس على الغروب.
وبعد هذا كله لم أتعظ بل واصلتُ سيري طمعاً في فعل تلك المعصية، ولكن الله عصمني منها حيث فاتَ الموعد، فصليتُ المغربَ هناك ثم عدتُّ من حيث أتيتُ، وبدأ أولئك الشباب الطيبون يكثرون من زيارتي، ويُلحون عليّ في حضور مجالسهم، فكنت أتردد عليهم وأجلس معهم، فكانت رائحة الدخان تفوح من ثيابي، ومن فمي، فلم يظهروا لي انزعاجهم من ذلك، بل كانوا يقتربون مني ويرحبون بي ثم (يطيّبونني)، ويمسحون علي يديّ من دهن العود، فكنت أستغرب عملهم هذا ومعاملتهم الطيبة.