وقال ابن الحاجب: قد قيل إنَّ (لا تُصِيبَنَّ) جواب للأمر، ويقدر: واتقوا فتنة إن أصبتموها لا تصب الظالمين خاصة ولكن تعم فتأخذ الظالم وغيره، وهو غير مستقيم إذ جواب الأمر إنما يقدر فعله من جنس المظهر لا من جنس الجواب، وإن يقول: فإنكم إن تتقوا لا تصب الظالمين، فيفسد المعنى لأنه يصير الانتفاء سبباً لانتفاء الإصابة عن الظالم المرتكب وهو بالعكس أشبه. اهـ
قال الطيبي: وجوابه: أنَّ هذا إذا أجرى الكلام على ظاهره، وإما إذا جعل الظاهر مهجوراً وذهب إلى قوة المعنى فجعل القرينة المعنوية حاكمة على اللفظية فيجوز أن يحمل على مسألة: لا تدن من الأسد يأكلك، وأن يقال: واتقوا فتنة فإنكم إن لم تتقوها أصابتكم فإن أصابتكم لا تصيب الظالمين منكم خاصة بل تعمكم، فاكتفى بالسبب عن المسبب.
وقال نور الدين الحكيم: تقرير كلام الزمخشري أنه مثل قول القائل: اتق غضب الله لا يحلل عليك فإن من شأن غضبه إن حل لا يحل بالمجرم خاصة بل يعم، وأقرب منه: اتق غضباً لا يحل على المجرم خاصة. اهـ
وقال الشيخ سعد الدين: هذا الوجه عليه إشكال ظاهر وهو أنَّ الشرط المقدر بجواب الأمر يكون مضمون الأمر مثل: أسلم تدخل الجنة، إن تسلم تدخل الجنة، فيجب أن يكون التقدير هنا: إن تتقوا لا تصيبن الظالمين منكم خاصة بل تعمكم، وفساده بين، وأجيب بأنه على رأي الكوفيين حيث يقدرون ما يناسب الكلام ولا يلتزمون أن يكون المقدر من جنس الملفوظ، ففى مثل: لا تدن من الأسد يأكلك الإثبات أي: إن تدن يأكلك، وفي مثل: اتقوا فتنة لا تصيبنكم النفى أي: إن لم تتقوا تصبكم، فالمصنف قدر شرطاً يستقيم به المعنى لا مضمون الأمر ولا يقتضيه فلا يتبين به كون المذكور جواب الأمر فقيل: مراده أنَّ التقدير: إن تتقوا لا تصبكم وإن أصابتكم لا تصب