وقال الطَّيبي: أخطأ الزمخشري في هذه العبارة خطأً فاحشاً، ولا أدري كيف ذهب عنه -وهو العَلَمُ في استخراج لطائف المعاني- أنَّ في أمثال هذه الإشارات وفي تقديم العفو إشعار بتعظيم المخاطب وتوقير حرمته. اهـ
وقال السجاوندي: (عَفَا اللهُ عَنْكَ) تعليم بعظمته صلوات الله وسلامه عليه، ولولا تصدير العفو في المقال لما قام بصولة الخطاب، وربما يستعمل في ما لم يسبق به ذنب ولا يتصور كما يقول لمن يعظمه: عفا الله عنك ما صنعت في أمري، ورضي الله عنك ما جوابك عن كلامي، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: لقد عجبت من يوسف وكرمه وصبره والله يغفر له. اهـ
وقال الشيخ سعد الدين: ما كان ينبغي له أن يعبر بهذه العبارة الشنيعة بعدما راعى الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بتقديم العفو وذكر الإذن المنبيء عن علو المرتبة وقوة التصرف وإيراد الكلام في صورة الاستفهام وإن كان القصد إلى الإنكار على أن قولهم: عفا الله عنك؛ قد يقال عند ترك الأولى والأفضل بل وفي مقام التعظيم والتبجيل مثل: عفا الله عنك ما صنعت في أمري. اهـ
وقال القاضي عياض في الشفا: قال مكي: هذا افتتاح كلام بمنزلة: أصلحك الله وأعزك الله. اهـ
وقد ألف في هذا الموضع رداً على الزمخشري الصدر حسن بن محمد بن صالح النابلسي الحنبلي كتاباً سماه جنة الناظر وجُنة المناظر في الانتصاف لأبي القاسم الطاهر صلى الله عليه وسلم، وبهذه النكتة وأمثالها اشمأز أهل الدين والورع من النظر في الكشاف