وقال الشيخ سعد الدين: القول بالوصفية ليكون حذف التنوين من اللفظ والألف من الخط قياساً كما في قولك زيد بن عمرو حاضر يوهم بل يدل بدليل الخطاب وشهادة الاستعمال أن الوصف -أعني النبوة- ثابتة وإنما الكذب والخطأ في الحكم وهو كونه معبوداً، مثلاً إذا أنكرت على من قال زيد بن عمرو سيدنا كان إنكارك راجعاً إلى كونه سيداً لا إلى كونه ابن عمرو.
قال: وقد يتمحل فيجاب بأن الصفة هنا للعلمية أو للمدح فإنكار العبودية يتضمن إنكارها، ولو سلم فلا يستلزم تسليمها.
قال: وذكر بعضهم أن القول ههنا بمعنى الوصف فلا حاجة إلى تقدير الخبر، كما أنَّ أحداً إذا قال مقالة ينكر منها البعض فحكيت ذلك المنكر فقط.
قال: وهو مع كونه مخالفاً لظاهر قوله (ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا) ليس دفعاً للتزييف المذكور بل وجهاً آخر. اهـ
قوله: (إما تأكيد لنسبة هذا القول إليهم ونفي للتجوز عنها).
لم يذكر هذا الوجه في الكشاف، وقال أصحاب الحواشي إنه غير مناسب.
قال الطَّيبي: فإن قلت: فهلا يعتبر التأكيد نحو رأيته بعيني وقلته بفمي وكتبته بيدي؟
قلت: المقام يأباه، لأن المقصود الإخبار عن ذلك القول الشنيع الذي يخرج من أفواههم من غير تحاش ولا مبالاة (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ) ولا يقال ذلك الأسلوب إلا في أمر يعظم مثاله ويعز الوصول إليه ليؤذن بنيله وحصوله. اهـ
وقال الشيخ سعد الدين: لا خفاء في أن جعل (ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ) من قبيل كتبته بيدي وأبصرته بعيني وسمعته بأذني غير مناسب للمقام، فلذا حمله صاحب الكشاف على وجهين حاصل الأول: أنه مجرد ملفوظ لا معقول له كالمهملات، وحاصل الثاني: أنه رأي ومذهب لا أثر له في قلوبهم، وإنما يرونه ويتكلمون به جهلاً وعناداً. اهـ
قوله: (ومنه قولهم: امرأة ضهياء على فعيل).