قوله: (ولا يمنع إبدال قوله: (إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) منه أن يعطف على موضع (في مَواطِنَ) فإنه لا يقتضي تشاركهما فيما أضيف إليه المعطوف حتى يقتضي كثرتهم وإعجابها إياهم في جمع المواطن).
هذا ردٌّ لقول الكشاف على أن الواجب أن يكون (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ) منصوباً بفعل مضمر لا بهذا الظاهر، وموجب ذلك أن قوله (إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ) بدل من (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ) فلو جعل ناصبه هذا الظاهر لم يصح لأن كثرتهم لم تعجبهم في جميع تلك المواطن، ولم يكونوا كثيراً في جميعها، فنفى أن يكون ناصبه فعلاً خاصاً به إلا إذا كان نصبت (إذ) بإضمار اذكر.
وقد تكلم الناس على كلام الزمخشري هذا فمن متعقب ومن مقرر، فقال صاحب الانتصاف: ما ذكره غير لازم، تقول: اضرب زيداً حين يقوم وحين يقعد، والناصب للظرفين واحد، وهما متغايران، إنما يمتنع أن ينتصب الفعل الواحد بظرفي زمان مختلفين عند عدم العطف. اهـ
قال الطَّيبي بعد أن حكاه: وعليه قول القاضي: ولا يمتنع إبدال قوله (إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ) ... إلى آخره.
وقال صاحب التقريب تقريراً لقول الزمخشري: الواجب أن ينصب (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ) بـ
(نصر) مضمراً لئلا يعطف زمان على مكان بل يكون عطف جملة على جملة لا بهذا
الظاهر إن جعل (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) بدلاً من (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ) لا منتصباً بـ (اذكر) إذ التقدير على البدلية نصركم في مواطن كثيرة زمان أعجبتكم كثرتكم، ولا يصح لأن الإعجاب والكثرة لم يكونا في جميع تلك المواطن، وقد يقال: يمكن أن ينصب بهذا الظاهر مطلقاً لا مقيداً بالظرف، وغاية الجواب أنه إذا تقدم فعل مقيد بحال على ظرف نحو: صليت قائماً في المسجد، فالمعنى أن الصلاة المقيدة بالقيام