وهز محمداً الحديث فكأنما عثر على كنز قد طال التنقيب عنه..! ثم أخذ يحدث نفسه: أين أنا من هذا الطريق..؟ أين أنا من هذا الطريق..؟.. الحمد لله غص بها حلقه من جرّاء دموع قد تفجرت من عينيه.. سار والدموع تنساب على وجنتيه، فحاول أن يرسم ابتسامة على شفتيه، بيد أنها ابتسامة مخنوقة قد امتقع لونها؛ فنسيت طريقها إلى وجهه؛ فضاعت..
قال: عسى الله أن يغفر لي -إن شاء الله-.
فبادره عبد الله: بل قل اللهم اغفر لي واعزم في المسألة يا رجل.
واتجها صوب المسجد، ونفس محمد تزداد تطلعاً وطمعاً في عفو الله ورضاه..
دخل المسجد ولسان حاله يقول: اللهم اغفر لي.. اللهم ارحمني.. يا إلهي قد قضيت حياتي في المنحدر.. وها أنذا اليوم أحاول الصعود، فخذ بيدي يا رب العالمين..
يا أرحم الرحمين.. إن ذنوبي كثيرة .. ولكن رحمتتك أوسع..
ودخل في الصلاة وما زال يبكي.. الذنوب القديمة تداعى بناؤها.. وخرج من قلب الأنقاض والغبار قلباً ناصعاً مضيئاً بالإيمان..!
وأخذ يبكي.. وازداد بكاؤه.. فأبكى من حوله من المصلين.. توقف الإمام عن القراءة، ولم يتوقف محمد عن البكاء.. قال الإمام: الله أكبر وركع.. فركع المصلون وركع محمد.. ثم رفعوا جميعاً بعد قول الإمام: سمع الله لمن حمده.. لكن الله أراد أن لا يرتفع محمد بجسده.. بل ارتفعتْ روحه إلى بارئها.. فسقط جثة هامدة..
وبعد الصلاة.. حركوه.. قلبوه.. أسعفوه علهم أن يدركوه.. ولكن (إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون).
توبة النجل الأكبر لطلال مداح
(عبد الله) هو النجل الأكبر لطلال مداح؛ منّ الله عليه بالهداية فسلك سبيل المؤمنين، روى قصة توبته ورجوعه إلى الله فقال: