وجاء دور رفقاء السوء، ليقضوا على ما تبقى لديّ من خير وفضيلة وصلاح!! فقد تعرفتُ على مجموعة منهم، وكنتُ الوحيد من بينهم الذي يملك سيارة، فتوليتُ القيادة، وكنت أغدو بهم وأروح، فصار كل واحد منا يظهر ما يوحي به إليه شيطانه من الأفكار والابتكارات، في فن الاختطاف والمخدرات، وغيرها من الفنون... فبدأت شيئاً فشيئاً أتعلم هذه الأمور.
انتقلنا من الحي الذي كنا فيه، إلى حي آخر، وهناك وجدتُّ مجموعةً أخرى من الشباب فتسلمت القيادة أيضاً، فما تركتُ معصية إلا ارتكبتها ابتداءً من المعاصي الصغيرة وانتهاءً بالمخدرات والمسكرات حتى وصل بنا الحال بحثاً عن شرب الخمور في نهار رمضان، كنا نفعل ذلك كله بحثاً عن السعادة الموهومة.
كنتُ من أشد الناس عداوةً وبغضاً للملتزمين الطيبين، وكان في الحارة رجل يقال له: (عبد الواحد) كنتُ أشد الناس عداوةً له، لأنه كان من المجتهدين في نصح الشباب في (الحارة)، فكان هدفنا هو إيذاء هذا الرجل، وقد حاولنا كثيراً ولكن لم نجد إلى ذلك سبيلاً.
مرّتْ أعوام طويلة، وأنا على هذه الحال، بين المخدرات والمشكلات الأخلاقية، وغيرها حتى أني تركتُ الدراسة واتجهتُ إلى العمل، فإذا جاء آخر الشهر وتسلمتُ راتبي صرفته كله في المخدرات.
وبعد فترة، منّ الله على أخي الأصغر بالهداية، فكان قدوة لنا في البيت في حسن التعامل، كنا نضايقه ونهدده!! ونحذره! من مصاحبة عبد الواحد وغيره من الشباب الطيبين، بل كنا نمنعه من تطبيق بعض شعائر الإسلام الظاهرة كإعفاء اللحية، وتقصير الثياب، فكان يُقابل إساءتنا هذه بالإحسان، ويردّ علينا بكلمات طيبة مثل (إن شاء الله) و(جزاكم الله خيراً) ونحوها، فبدأتُ أشعر بارتياح نحوه لحسن معاملته، وكانت هذه بداية التحول.